Friday 8 June 2018

الأستاذ بديع الرحمن: قلبي يتدفق بذكراكِ

 
قلبي يتدفق بذكراكِ
الأستاذ بديع الرحمن
 
قبر سلمى في مغــــرب المقـــــــابر
ومرور القطار بجانبها يخلل سباتها
مررت مـرارا بجــــــانب قبــــــــرها
فوجدته صـــامتا وهي في نؤومهـا
فسلمت عليها وحاولت استيقاظهـا
فرأتني ســــــاكتة بدون جوابهــــــا
تحيرت من تغيــــــــــر عادتها وإنها
 لم تكن كــــــــذاك طول حيــــــاتها
أجابتني دائمـــــــــا حينمـــا دعوتها             
وشاركتني في حواري بدون ترددها
ولو أنني أعرف أنهــــــــــــا أصبحت            
ترابا من الترب فكيــــــــــف إجابتها
فـالأب الحــــــــــزين لا ينســـــــــى                  
ولو لمحـــــــة عن بشاشة صورتهـا
فأحـــاول كل ليــــــــــلة أن أراهــا                
في المنام لكن أتعجب من فقدانها
وما الحيــــــــاة إلا مملوئة بالرزايا            
وما أثقل لأب يحمـــــل غيــــــابها
لا أدري كيف أتلذذ مرح العيش         
ولو تصعد الزفرات في تفتيشها
أودي جميع الفـــــــرائض من الراد           
ويظن النـــــــــــاس كيف نسيتهـــا
كل شيئ تركت من الثمين والبخيس      
يؤذينــــي ويردني إلى ذكـــــــراها
ادخرت كتبها من دراســــة بدايتها         
 كما أحتفظ بالمؤدة كـراستهــــــــا
إذا أدخل المرحــــاض أمعن النظر        
إلى البرش والمعجــــــون لأسنانها
وفي الخلوة أقوم أمــــام رسومها           
معلقة في الجدران أصغي هدافها
أبرز صورها من الطفــــــــولة إلى           
اختتام أيامها فتفيض عيني بعبراتها
وموقفــــي لا أدري كيـــــف أبيت           
  بجميع ذكـــراها خفيفها وثقيلها
وإذا تنظـــــف أمهـــــــــا فـراشها                 
في كل أسبوع تسيل العبرات من عيونها
وإذا تسوي ملبوســـاتها في ضوء          
الشمس أغمض عيني كأنني لم أراها
أودي الصلـــوات في حجــــــــــرتها
تحوم صورتها وتهاجم عليّ ذكراها
كم أنسى في قـــــراءة الســــــــور
وكم أسجد للسهو للكثرة في نسيانها
صدري يقلقل ويتفجـــر لغيــــــــابها
وأتألم الكآبد متفردا بدون إظهــارها
وقد تمهرت بتمثيـــــل العمــــــــران             
بين الأصدقـــــاء كأنني لم أحفلهــــا
كل الأقـــارب والزمـــــــــلاء يظنون            
حيــــــاتي مملــــوئة بســـــــــرورها
الشوكة التي تتحـــــــرج قلبي دائما          
لا أبدي عمقهــــــا ولا وسعتهــــــــــا
وحينمــــــــا أرتل "ولنبلؤنكم بشئي           
من الخوف"تطمئن النفس بطمأنينها
ويفيق السكــون آية "وما تشــاؤون
إلا أن يشاء الله" بمعناها ومغضاها
ولو يحيط بعلمي أن للموت ميعاد      
فما يحثني إلى تأجيلها للقيــــــاها
ولو أعرف أن الصبـــــــر جميــــــل 
لكن كيـــف يمكن أن أنســــــــــاها
الموت وذكراها تزيد خشيــــة الله           
في البرايا فهل تزيد شيئا في اشتياقها
أدعو الله بوسعة قبــرها وأستعيـذ 
من النار فاجعل رياض الجنة مسكنها
وسبّب يا ربي الغفــــران الوافــــــر
وأن أتوفى مع الأبــــــرار للُقيـــــــــــــــــاها

1 comment:

  1. شاعر بديع. أستاذنا ومرينا. اللهم بارك في حياته. وألهم الصبر.

    ReplyDelete